نشرتها لي اليوم 21-7-2012 جريدة "القدس العربي" اللندنية - صفحة 17 (اضغط هنا أو هنا)
رمضان شهر الخير و الصيام، الإحسان و الإطعام. لكنه أيضاً عند البعض شهر الغضب و العنفوان، و تحول النشيط المنتج إلى جائع كسلان. فما الحل؟ و ما هي الوصفة السحرية (و السحر في هذا السياق ليس حراماً على قول أغلب أهل هذا العصر) لمسح ما تراكم على وجه هذا الشهر من مساحيق المشاعر العجيبة (و المساحيق في هذا السياق بغيضة على قول نفس الأهل)؟
أولاً، المخلوق العجيب المسمى الغضب. جسمنا اللطيف هو آلة كغيره من الآلات، إن صنتها و رعيتها خدمتك، و إن أهملتها و انصرفت عنها باغتتك. فما بين صرير تروس مهترئة و اهتزازات في جسم تلك الآلة، تجد نفسك أمام خيارين: إما الصيانة و إما الندامة. اعلم عزيزي الصائم أن غذاء جسدك الحقيقي ليس نفث سيجارة سخيفة أو بلع لقمة لذيذة، إنما هو بضع كلمات من ذكر الرحمن، تقوي بها جسدك و عقلك. فإن أغضبك لئيم أو صدم سيارتك غشيم، فعليك بتجميع كل مشاعر الغضب و الحقد و البغض و ما إلى ذلك من أوصاف لطيفة في نقطة واحدة في عقلك، ثم باغتها قبل أن تباغتك، و اهجم عليها هجمة صائم مغوار، فاستعذ بالله من الشيطان و اذكر المأثور من ذكر الرحمن. و لا بأس، بل من المستحب أن تدعو لأخيك الذي أغضبك في ظهر الغيب، فينقلب لؤمه و غضبك إلى خير لكليكما. و تلك الصيانة لصيامك هي خير صيانة، صيانة وكالة.
ثانياً، الوحش الكاسر المعروف بالجوع. اعلم أيها الصائم الرائع أن وجبة السحور هي خيران لا خير واحد، ففيها تقوية لجسدك على الصيام، و الأجمل أنها اتباع لسنة رسولك الكريم عليه الصلاة و السلام. فلا تبخل على نفسك بتحري أي الأصناف تروي العطش و تقوي البدن، ثم صل الفجر و ابدأ يومك بنشاط، و لا تأبه بما يصادفك في طريقك من إعلانات الطعام اللذيذ، فطعمها وقت الغروب ألذ، و هو عين المطلوب. ثم عليك بالاجتهاد في مدرستك و جامعتك و عملك، فالاجتهاد على عكس الشائع هو ما يقوي الجسد و ينسيه الجوع، و ما أجمل أن تزكي صيامك بالإحسان في عملك عوضاً عن تشويهه بتوجع و تململ لا يزيدانك إلا جوعاً و مللاً.
أخيراً، الثنائية المرعبة، شهر الولائم و المسلسلات. أما الوليمة فأمرها هين، فاغتنم معظمها في صلة الرحم و السلام على الأحباب، و خصص قليلها لتناول الطعام، و تذكر أن ثلث بطنك لطعامك، و ثلثه لشرابك، و ثلثه لنفسك، فتروَّ في أول ثلثين، و أحسن في الثالث. و أما المسلسل فأمره أهون. فدع عنك ما مثّله العباد، و امتثل في عبادتك لخالق العباد، ففي الإفطار ثواب و متعة، و في السؤال عن الأهل و الأصحاب ثواب و متعة، و أمتع من هذا و ذاك قراءة للقرآن، و صلاة في آخر الليل، و مناجاة عميقة لله، لا يعلم بها إلا أنت و ربك.
قد اكتمل المراد بعرض الوحوش الهزيلة التي تتحيّن قدوم أعظم الشهور، فلا تكن أضعف من وحش هزيل، و اعمل على إتمام هذا الشهر على أكمل وجه يرضاه ربك ثم ترضاه. و اعلم أن كاتب هذه الكلمات ما كتبها إلا ليعظ نفسه أمام الناس لعل هذه النفس تتعظ.
رمضان شهر الخير و الصيام، الإحسان و الإطعام. لكنه أيضاً عند البعض شهر الغضب و العنفوان، و تحول النشيط المنتج إلى جائع كسلان. فما الحل؟ و ما هي الوصفة السحرية (و السحر في هذا السياق ليس حراماً على قول أغلب أهل هذا العصر) لمسح ما تراكم على وجه هذا الشهر من مساحيق المشاعر العجيبة (و المساحيق في هذا السياق بغيضة على قول نفس الأهل)؟
أولاً، المخلوق العجيب المسمى الغضب. جسمنا اللطيف هو آلة كغيره من الآلات، إن صنتها و رعيتها خدمتك، و إن أهملتها و انصرفت عنها باغتتك. فما بين صرير تروس مهترئة و اهتزازات في جسم تلك الآلة، تجد نفسك أمام خيارين: إما الصيانة و إما الندامة. اعلم عزيزي الصائم أن غذاء جسدك الحقيقي ليس نفث سيجارة سخيفة أو بلع لقمة لذيذة، إنما هو بضع كلمات من ذكر الرحمن، تقوي بها جسدك و عقلك. فإن أغضبك لئيم أو صدم سيارتك غشيم، فعليك بتجميع كل مشاعر الغضب و الحقد و البغض و ما إلى ذلك من أوصاف لطيفة في نقطة واحدة في عقلك، ثم باغتها قبل أن تباغتك، و اهجم عليها هجمة صائم مغوار، فاستعذ بالله من الشيطان و اذكر المأثور من ذكر الرحمن. و لا بأس، بل من المستحب أن تدعو لأخيك الذي أغضبك في ظهر الغيب، فينقلب لؤمه و غضبك إلى خير لكليكما. و تلك الصيانة لصيامك هي خير صيانة، صيانة وكالة.
ثانياً، الوحش الكاسر المعروف بالجوع. اعلم أيها الصائم الرائع أن وجبة السحور هي خيران لا خير واحد، ففيها تقوية لجسدك على الصيام، و الأجمل أنها اتباع لسنة رسولك الكريم عليه الصلاة و السلام. فلا تبخل على نفسك بتحري أي الأصناف تروي العطش و تقوي البدن، ثم صل الفجر و ابدأ يومك بنشاط، و لا تأبه بما يصادفك في طريقك من إعلانات الطعام اللذيذ، فطعمها وقت الغروب ألذ، و هو عين المطلوب. ثم عليك بالاجتهاد في مدرستك و جامعتك و عملك، فالاجتهاد على عكس الشائع هو ما يقوي الجسد و ينسيه الجوع، و ما أجمل أن تزكي صيامك بالإحسان في عملك عوضاً عن تشويهه بتوجع و تململ لا يزيدانك إلا جوعاً و مللاً.
أخيراً، الثنائية المرعبة، شهر الولائم و المسلسلات. أما الوليمة فأمرها هين، فاغتنم معظمها في صلة الرحم و السلام على الأحباب، و خصص قليلها لتناول الطعام، و تذكر أن ثلث بطنك لطعامك، و ثلثه لشرابك، و ثلثه لنفسك، فتروَّ في أول ثلثين، و أحسن في الثالث. و أما المسلسل فأمره أهون. فدع عنك ما مثّله العباد، و امتثل في عبادتك لخالق العباد، ففي الإفطار ثواب و متعة، و في السؤال عن الأهل و الأصحاب ثواب و متعة، و أمتع من هذا و ذاك قراءة للقرآن، و صلاة في آخر الليل، و مناجاة عميقة لله، لا يعلم بها إلا أنت و ربك.
قد اكتمل المراد بعرض الوحوش الهزيلة التي تتحيّن قدوم أعظم الشهور، فلا تكن أضعف من وحش هزيل، و اعمل على إتمام هذا الشهر على أكمل وجه يرضاه ربك ثم ترضاه. و اعلم أن كاتب هذه الكلمات ما كتبها إلا ليعظ نفسه أمام الناس لعل هذه النفس تتعظ.