كان يا ما كان، في حديث الزمان، و آخر العصر و الأوان،
في حارة ما... في مكان ما... كان يسود قانون اسمه قانون الغاب... و ينصّ على أنّ البقاء للأقوى.
مشهد طالما تكرّر و اعتاد عليه أطفال الحارة. الطفل المدلّل - و المخيف لضخامته في نفس الوقت - "شلتوت" يتسلّل بينما أطفال الحارة يلعبون بين الشجر ليسرق لعبة وضعوها جانبا. في أحيان أخرى كان يبدو أن "شلتوتا" لديه من الألعاب المسروقة ما يكفي فيلجأ فقط لتخريب اللعبة ثم يهرب.
أحد الأطفال، "عمر"، قرر أن يضع حدا لهذا السيناريو المهين. تسلل يوما من نافذة غرفة "شلتوت" و اختار لعبتين ثم لاذ بالفرار سعيدا و هو يشعر أنّه استردّ جزءا من كرامته و كرامة اخوته. لسوء حظّ "عمر" لمحه "شلتوت" و هو يهرب.
في صباح اليوم التالي، انقضّ "شلتوت" على "عمر" في فناء المدرسة و أوسعه ضربا و نعته حرفيا بأنّه "واحد حرامي و مش متربّي". أكثر ما آلم "عمر" هو منظر المعلّمين في الفناء الذين تعمّدوا أن يبدوا مشغولين بأشياء أخرى كي لا يضطرّوا للتدخل لفضّ النّزاع بين "عمر"، ابن بيّاع الكشري، و بين "شلتوت"- الملقب بال"ونش"-، ابن المعلّم "حشيشة" الجزّار.
في المساء، صوت قرع عنيف على باب عم "بركة" بيّاع الكشري كان كفيلا بايقاظ الرجل ليهبّ لفتح الباب قبل أن يسقط. مفاجأة، انّها طنط "رزّة" مع ابنها – المحروس - "شلتوت."
عم "بركة" يبتسم ابتسامة عريضة و يقول:"أهلا أهلا مزمزيل "رزّة".خطوة مباركة."
رزّة: "شوف اللّي عمله زفت الطّين ابنك ف وش ابني "توتة" يا سي "بركة"! لمعلوماتك بقى المعلّم "حشيشة" موش حيسكت على الكلام ده."
فاصل سريع من الصور الملوّنة للمعلم "حشيشة" و هو يشحذ ساطوره في مخيّلة عم "بركة" كان كفيلا بأن يجعله يصرخ بأعلى صوته من وراء الباب: "تعالى هنا يا جزمة". كالمعتاد، ميّز "عمر" اسم الدلع المحبب لوالده، "جزمة"، فانطلق بسرعة البرق نحو الباب.
محاولا تدارك الموقف، أمسك عم "بركة" بأذن "عمر" و لواها ثمّ نظر الى طنط
"رزّة" بنفس الابتسامة الصفراء التي لم تفارق وجهه: "حقك عليّ يا مزمزيل، أنا حاشوف شغلي مع الواد ده."
صاحت "رزّة": "نعم يا أخويا... ابني ياخد حقه بايده"...
تنبّه الشاويش "نعمان" الذي كان مارّا على درّاجته لصياح "رزّة" فتوقّف و
قال: "خير يا جماعة، في موشكل؟" الرّد السريع جاء من "رزّة": "كلّ خير يا شاطر، امشي العب بعيد و ما تتدخّلش."
أسلوب كلام "رزّة" مع الشاويش "نعمان" أعاد الى مخيّلة عم "بركة" صور ساطور زوجها.
عم "بركة" - مربّتا على رأس "شلتوت" -: "ماشي يا حبيبي يا "شلتوت"، خد حقّك بايدك. كلّه و لا زعلك."
عمر: "بس يا بابا، هو اللي"...
"اخرس يا جزمة، خلّيت رقبتي زي السمسمة قدّام النّاس الكبّرا"، و أشار عم "بركة" الى "رزّة" و "شلتوت."
المشهد التالي كان تراجيديّا الى أبعد الحدود: "شلتوت" يتقدّم رافعا قبضته نحو
"عمر"، "رزّة" تراقب مبتسمة ابنها المحروس، الشاويش "نعمان" ينظر لكل ما يحدث دون أن ينبس ببنت شفة، عم "بركة" يصفّر و ينشغل باللعب بمسمار أعوج خارج من الباب لكي لا يرى ما سيحدث لابنه. أمّا "عمر" فكان يتحّسس جيب بنطاله الخلفي ليتأكد أنّ المقلاع ما زال موجودا.
ثمّ...
سكتت شهرزاد عن الكلام غير المباح و نظرت الى مولاها بعدم ارتياح و همست:
"موعدنا غدا يا مولاي الرشيد فصوت أقدام البوليس السري ليس ببعيد."
وضعت شهرزاد رأسها لتنام، أمّا مولاها فما زال حائرا حتى الآن من كل ما سمع من الكلام، فما رأي القرّاء الكرام؟
في حارة ما... في مكان ما... كان يسود قانون اسمه قانون الغاب... و ينصّ على أنّ البقاء للأقوى.
مشهد طالما تكرّر و اعتاد عليه أطفال الحارة. الطفل المدلّل - و المخيف لضخامته في نفس الوقت - "شلتوت" يتسلّل بينما أطفال الحارة يلعبون بين الشجر ليسرق لعبة وضعوها جانبا. في أحيان أخرى كان يبدو أن "شلتوتا" لديه من الألعاب المسروقة ما يكفي فيلجأ فقط لتخريب اللعبة ثم يهرب.
أحد الأطفال، "عمر"، قرر أن يضع حدا لهذا السيناريو المهين. تسلل يوما من نافذة غرفة "شلتوت" و اختار لعبتين ثم لاذ بالفرار سعيدا و هو يشعر أنّه استردّ جزءا من كرامته و كرامة اخوته. لسوء حظّ "عمر" لمحه "شلتوت" و هو يهرب.
في صباح اليوم التالي، انقضّ "شلتوت" على "عمر" في فناء المدرسة و أوسعه ضربا و نعته حرفيا بأنّه "واحد حرامي و مش متربّي". أكثر ما آلم "عمر" هو منظر المعلّمين في الفناء الذين تعمّدوا أن يبدوا مشغولين بأشياء أخرى كي لا يضطرّوا للتدخل لفضّ النّزاع بين "عمر"، ابن بيّاع الكشري، و بين "شلتوت"- الملقب بال"ونش"-، ابن المعلّم "حشيشة" الجزّار.
في المساء، صوت قرع عنيف على باب عم "بركة" بيّاع الكشري كان كفيلا بايقاظ الرجل ليهبّ لفتح الباب قبل أن يسقط. مفاجأة، انّها طنط "رزّة" مع ابنها – المحروس - "شلتوت."
عم "بركة" يبتسم ابتسامة عريضة و يقول:"أهلا أهلا مزمزيل "رزّة".خطوة مباركة."
رزّة: "شوف اللّي عمله زفت الطّين ابنك ف وش ابني "توتة" يا سي "بركة"! لمعلوماتك بقى المعلّم "حشيشة" موش حيسكت على الكلام ده."
فاصل سريع من الصور الملوّنة للمعلم "حشيشة" و هو يشحذ ساطوره في مخيّلة عم "بركة" كان كفيلا بأن يجعله يصرخ بأعلى صوته من وراء الباب: "تعالى هنا يا جزمة". كالمعتاد، ميّز "عمر" اسم الدلع المحبب لوالده، "جزمة"، فانطلق بسرعة البرق نحو الباب.
محاولا تدارك الموقف، أمسك عم "بركة" بأذن "عمر" و لواها ثمّ نظر الى طنط
"رزّة" بنفس الابتسامة الصفراء التي لم تفارق وجهه: "حقك عليّ يا مزمزيل، أنا حاشوف شغلي مع الواد ده."
صاحت "رزّة": "نعم يا أخويا... ابني ياخد حقه بايده"...
تنبّه الشاويش "نعمان" الذي كان مارّا على درّاجته لصياح "رزّة" فتوقّف و
قال: "خير يا جماعة، في موشكل؟" الرّد السريع جاء من "رزّة": "كلّ خير يا شاطر، امشي العب بعيد و ما تتدخّلش."
أسلوب كلام "رزّة" مع الشاويش "نعمان" أعاد الى مخيّلة عم "بركة" صور ساطور زوجها.
عم "بركة" - مربّتا على رأس "شلتوت" -: "ماشي يا حبيبي يا "شلتوت"، خد حقّك بايدك. كلّه و لا زعلك."
عمر: "بس يا بابا، هو اللي"...
"اخرس يا جزمة، خلّيت رقبتي زي السمسمة قدّام النّاس الكبّرا"، و أشار عم "بركة" الى "رزّة" و "شلتوت."
المشهد التالي كان تراجيديّا الى أبعد الحدود: "شلتوت" يتقدّم رافعا قبضته نحو
"عمر"، "رزّة" تراقب مبتسمة ابنها المحروس، الشاويش "نعمان" ينظر لكل ما يحدث دون أن ينبس ببنت شفة، عم "بركة" يصفّر و ينشغل باللعب بمسمار أعوج خارج من الباب لكي لا يرى ما سيحدث لابنه. أمّا "عمر" فكان يتحّسس جيب بنطاله الخلفي ليتأكد أنّ المقلاع ما زال موجودا.
ثمّ...
سكتت شهرزاد عن الكلام غير المباح و نظرت الى مولاها بعدم ارتياح و همست:
"موعدنا غدا يا مولاي الرشيد فصوت أقدام البوليس السري ليس ببعيد."
وضعت شهرزاد رأسها لتنام، أمّا مولاها فما زال حائرا حتى الآن من كل ما سمع من الكلام، فما رأي القرّاء الكرام؟