بينما كان عقلي مشغولاً ببعض المشاغبات الدّاخليّة الّتي تزخر بنقد الحكّام و أصحاب القرار لتجاهلهم حتّى استنكار ما يحدث في بيت حانون في فلسطين العزيزة (طبعاً مشاغباتي العقلية الشجاعة بمنأى عن بصر و سمع مخابراتنا العزيزة)، بينما انشغلت بذلك اكتشفت فجأة شيئاً مهمّاً جداً و هو أنّني و بصفتي الحاكم الأعلى و صاحب كلمة الفصل الّتي لا ترد في مدوّنة "أبو السّوس" لم ينبس أصبعي بنقرة كيبورد واحدة تتحدّث عن الموضوع (حلوة ينبس أصبعي.. و حلوة نقرة.. يا عيني). هنا واجهت نفسي و اكتشفت أنّني لا أختلف شيئاً عمّن ينتقدهم عقلي بشجاعة غير متناهية و يوافقهم لسان حالي بوقاحة بالغة.
عاجلني عقلي بعتاب فقال: "بس شاطر تكتب مسلسل حياتك في أوروبّا يا حبيبي... لأ فالح يا... يا مستنكر انت."
عقدت العزم أن أقطع هذا المسلسل مؤقتاً لأقوم بأضعف الايمان، ألا و هو تقديم نشرة أخبار تتناول الأوضاع الراهنة على أن أكمل المسلسل بعد نشرة الأخبار ان شاء ربّي.
اخواني المستمعين... أخواتي المشاهدات،
اخواني المستمعين... أخواتي المشاهدات،
كشرة أخبار الساعة صفر بتوقيت ديزني لاند تقدمه قناة "كلّه في المشمش" العالمية:
تقترح فرقة "الطبالين العالميين" على المتحدّث باسم البيت الأبيض و وزيرة الخارجية البريطانية "مارغريت بيكيت" الاشتراك في دويتو غنائي بعنوان "لاسرائيل حق الدفاع عن نفسها" بعد أن صدر البيان ذاته عن كليهما في الأسبوع المنصرم في اطار تعليقهما على عمليّة "غيوم الخريف" التي يشنّها الجيش الاسرائيلي -الأكثر أخلاقية بين جيوش العالم حسب رأي ايهود أولمرت- على الفلسطينيين في بيت حانون.
و في خبر آخر، أبدى فخامة الرئيس العربي فلان بن علان الفلاني سعادته بفوز منتخب بلاده لتصفيف الشّعر بالمركز الرابع عالميّاً و أعلن أن زمن الأحزان قد ولّى منذ زمان.
و الآن مع الخبر الأخير، قامت امرأة في عمّان و أخرى في صنعاء، نهضت صديقتان في القاهرة و خادمة في بيروت، تحمّست طالبة في ستوكهولم و ابتسمت عاملات مناجم في أستراليا، أشرق وجه وزيرة في أندونيسيا و هلّلت فتاة مُقعدة في كيب تاون، وقفن جميعاً و قلن:
"موتوا غيظاً يا رجال فنحن نساء.. من طينة بطلات بيت حانون.. بيت أكبر من قصوركم... تركنا الزعامة لكم و هببنا نحن للبطولة".