StatCounter

الجمعة، 13 يناير 2012

فيدرر و ابن خالتي و الحجة نانا


ما من حيلة أسهل و أسرع لجذب الانتباه من حيلة العناوين الغريبة. عنوان هذه التدوينة غريب، لكن مضمونها غني و لطيف، مسلٍّ و رقيق، مضحك و عميق، أو كذلك أرجو. 

ستعجبك هذه التدوينة إن كنت:


  • من عشاق التنس (كرة المضرب)، و على الأخص "هاري بوتر" التنس، روجر فيدرر.
  • من أقاربي لأمي (الفرع المصري)، عائلة غريبة تختلط فيها نكهة الفول و الفطير المشلتت و البساطة بالستيك و الفيليه و الذهاب إلى الساحل الشمالي. البساطة تتحدى الأرستقراطية.
  • من أصدقاء أو أعداء ابن خالتي سيف الله، الفكاهة و الجدية في قالب واحد. شخص يجبرك على حبه.
  • ترغب بقراءة موضوع خفيف يمزج بكل جرأة و لامبالاة الأمور العائلية الشخصية بالقضايا الرياضية العالمية، و يخرج بنتائج غير منطقية.

و على غرار ما كتبه السابقون من قصص و روايات، نبدأ بالتعريف بأبطال قصتنا:

روجر فيدرر
لو كان السحر ممنوعاً في عالم الرياضة لمُنع هذا المخلوق من اللعب، و لوضعت الأصفاد في يديه و قدميه و حُرق كما كان يُفعل بساحرات القرون الوسطى. يتظاهر بضرب الكرة بالمضرب، بينما هو في الواقع يمسك بعصا سحرية على شكل مضرب، يرسل بها قنابل صفراء نحو خصومه، فتراهم يركضون و يلهثون يمنة و يسرة، بينما هو يتنزه في الملعب كفتاة صغيرة تحمل سلة طعام.

ابن خالتي سيف الله
هو ابن خالتي الحبيب العجيب ذو الهوايات الغريبة في طفولته. كان يهوى تشريح الحشرات، و مشاهدة الحراس الشخصيين المدججين بالسلاح والمختبئين خلف نظارات سوداء و بدلات سوداء و أجهزة لاسلكية سوداء. ترعرع لاعباً للتنس و عازفاً للبيانو. حسه الفكاهي مميز في جميع الأوقات، و مثير للتساؤل حول وضعه العقلي في بعضها. كان بعض من مزاحه في طفولتنا أن يشنف آذاننا* بمقطوعة كلاسيكية على البيانو لأحد عمالقة التأليف الموسيقي في العصر الحديث، ثم يحولها فجأة إلى وصلة رقص "على واحدة و نص" لأحد عمالقة التهليس الحديث.

الحجّة نانا
هي جدتي و ألطف صوت يحدثني من على بعد مئات الأميال لمجرد السلام أو السؤال. تهاتفني في المناسبات لتهنئني و لا تنسى أن تستعمل لازمة "ميري كريسمس آند ايه هابي نيو يير"، سواء كانت المناسبة عيد الأضحى، عيد ميلادي أو حتى عيد الثورة. هي مصدر دفء و ابتسامة العائلة. لا تخلو جعبتها من النكات و المداعبات اللطيفة، و لا يمكن أن تجد في ذات الجعبة حقداً أو كرهاً لأحد. تهتم بالكل و تسعى دائماً لإسعاد الناس. لها اهتمامان رئيسيان قد تجدهما عند الكثير من الناس لكن ليس عند الجدات: الرياضة و السياسة.

يُحكى أنّ...
في أحد أيام عام 2003، كنت جالساً مع جدتي –الحجة نانا- في غرفة السينما في نادي هليوبوليس في القاهرة، و غرفة السينما التي أتحدث عنها هي قاعة كبيرة مجاورة لبركة السباحة، فيها طاولات و مقاعد و شاشة تلفاز كبيرة إلى حد يجعل إدارة النادي مستعدة لتسميتها "غرفة السينما" دون الشعور بأي قدر من تأنيب الضمير. المهم أننا كنا جالسين نشاهد مباراة تنس، و هي الرياضة المحببة و المعتمدة لدى الفرع المصري من عائلتي، كما أنها تحظى بشعبية و اهتمام في مصر أكبر بكثير مما تحظى به في الأردن.


المباراة كانت بين لاعبين غير معروفين، أو على الأقل كانا كذلك بالنسبة لي و لجدتي في ذاك اليوم. أحدهما يدعى "روجر فيدرر" و الآخر –على ما أذكر- "مارك فليبوسيس". كانت لحظة الصفر هي حين اقتربت الكاميرا من وجه "فيدرر" لأفاجأ بجدتي تقفز و تقول: "الله... ده سيف الله"!


كانت مفاجأتي كبيرة من ردة فعلها، و لكنها كانت أكبر حين أمعنتُ النظر في وجه هذا اللاعب لأفاجأ بشبه كبير بينه وبين ابن خالتي. شبه كبير لدرجة أن جدتي اتصلت بخالتي في البيت و أخبرتها عن المباراة و عن اللاعب و عن الشبه.


الآن و بعد مرور سنين على تلك الواقعة، ما زلت أشعر بوجود شبه بينهما، خاصة الفك العريض. لكن لا أدري إن كان الشبه كبيراً إلى حد الدهشة التي شعرنا بها في ذاك اليوم في تلك الغرفة، غرفة السينما.


سيف الله و شبيهه - كواليس بطولة قطر للتنس 2010



الآن...
محور حديثي الآن هو جدتي، فقد نما اعجابها بذاك اللاعب فأصبحت تتابعه و تتابع أخباره و بطولاته، و أصبحت العائلة كلها تشجعه، نفرح لفوزه و نلتمس الأعذار حين يخسر. أصبحت جدتي تدعو له و هي تشاهد مبارياته و تقول: "ربنا يسعدك يا فيدرر يا ابن أم فيدرر"، و حين تظهر صديقته –أصبحت الآن زوجته و أم عياله- على الشاشة و هي تشجعه في الملعب تقول جدتي: "ربنا يستر عليكي و تتجوزوا".

حكمة اليوم
أؤمن –دون إفراط أو تفريط- بالمثلين القائلين "من شبّ على شيء شاب عليه" و "الطبع يغلب التطبع"، لذا فلن أكبح "طبعي" و ما "شببتُ" عليه و سأستمتع بتنظيري و إلقائي الحكم.

الأسرة هي محور حياة كل إنسان و أغلى ما فيها، يتطبع بالكثير من طبائعها و ينسجم مع معظم عاداتها، يحب أفرادها كلهم –أو جلهم- على اختلاف طبائعهم و شخصياتهم. قد يمر في حياة كل منا العديد من الأصدقاء و زملاء العمل، لكن تبقى تلك النقطة في وسط القلب لمن عرفنا في صغرنا مزاحهم، و شببنا على أفراحهم، و شبنا على  جلساتهم، من أهل كبار حملونا أطفالاً، أو أقران لنا شاركونا ألعابنا، أو أزواج عاشوا معنا لحظات كفاحنا الحلوة و المرة.


كلامي موجه لي و لغيري، لكل ظالم لزوجته أو مُخاصم لأخيه أو عاق لأبيه، أو مجرد من لم يدرك بعد قيمة العائلة. تذكر حديث من هو أفضل مني ومنك  ومن كل الناس: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".

بقي، عزيزي القاريء، أن أخبرك أنّ الحجة نانا تضع صورتين بجوار سريرها، صورة كاتب هذه الكلمات، و صورة مقصوصة من جريدة لشخص يشبه ابن خالتي اسمه "روجر فيدرر".


* لسان العرب:
الشَنْف: الذي يُلبس في أعلى الأذن، بفتح الشين، و الذي في أسفلها القُرْط.

هناك 24 تعليقًا:

غير معرف يقول...

I love it ya ibn khalti! thanks for sharing my twisted activities when I was young to the whole world.SeifAllah

غير معرف يقول...

ممتع و حكمة النهاية واقعية و محزنة عند التفكير في الماضي

elibyari يقول...

It's about time to leave the IT industry and start your new career as a writer ... I love it and couldn't help myself from laughing out loud when I started to read the character description of Siko :D
I love it yabn khalti and plz entertain us with more of these beautiful pieces of memories, humor & wisdom :)  

غير معرف يقول...

Brilliant Mate!

غير معرف يقول...

I'm the anon who wrote "Brilliant mate"
just wanted to give u a hint about identity

Hint #1: I'm very naiiice
mwahahahhahhahahha

ساري يقول...

سيف الله:
شرف لي أن تحظى مدونتي بزيارة الفتى الطائر، الرجل المعجزة، سيف الله.
أنا سعيد أن الكلام أعجبك. لعلمك، ما ذكرت من هوايات غريبة هو مجرد عينة:)
باقي أن يعلق فيدرر على التدوينة:)

غير معرف 1 anonymous1
شكراً لكلامك. نعم، هي محزنة لأنها تنطبق على كل منا في مرحلة من مراحل حياته.
هل أعرفك؟

الإبياري:
شكراً يا حمادة يا سويدي على التشجيع. تعليقك لطيف. صراحة، أخوك سيف الله مليء بالعجائب المضحكة. إن شاء الله المزيد في الطريق.


غير معرف 2 anonymous2
و
غير معرف 3 anonymous3
تعليقك الأول كفيل بفضحك ... نياهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها...
(راحة.... نفس....)
هاهاهاهاهاهاها... هع
بالمناسبة: أضحكتني بتعليقك الثاني.

غير معرف يقول...

العزيز ساري

بما انك تريد منا كتابة اسمائنا عند التعليق فاسمح لي ان امارس هواياتي الكتابية في مدونتك

اولا انا لست من عشاق كرة المضرب و لست من متابعي الرياضة بشكل عام الا اذا كانت المنافسة تخصني بشكل شخصي ( انا او حد افراد عائلتي المقربين ) غير هيك ما بغلب حالي

ثانيا كان بودي ان اكون احد اقارب والدتك و سأتشرف و لكني للاسف لست كذلك علما ان لدينا في العائلة فرع مصري نلتقي به عند الجد الرابع بعد المئة ( هكذا تقول الاسطورة )

لست على عداوة مع ابن خالتك و لكني من وصفك له اريد ان اكون على علاقة به ( صداقة لا اكثر و لا اقل :))

انا هنا لأني اريد ان اقرأ موضوعا من مواضيع صديقي العزيز ساري يجمع بين الحكمة و خقة الظل مع شذرات من برنامج الرابط العجيب

و نبدأ الحديث باسم الله

لقد اعجيت في جميع افراد عائلتك من وصفك لهم ، و خصوصا الحجة نانا ، تذكرني بالمرحومة جدتي و بابنتها عمتي الساكنة في الضفة الغربية و التي اعتبرها واحدة من القابضين على الجمر و واحدة من القلائل التي تجعلنا نتعلق بتلك الارض لنرى كم هي متألقة

و اخيرا لا يوجد كلام اقوله زيادة على كلامك
ف اللحظات الوحيدة السعيدة هي التي اقضيها بين احضان عائلتي

Kamel يقول...

فقرة جميلة... مشوقة... هادئة... صادقة... طقع.
احببت ان اعلق بخاطرة وردت لي وانا اقرأ مدونة صديقي ساري:

من اجمل المقالات\المدونات هي التي تستطيع ان ترى نفسك من خلالها و تدخلك الى قلب كاتبها ليكون المرء مرآة اخيه فعلا, فيحب له ما يحب لنفسه و يتمنى له كل الخير.

*الكاملاوي في اللغة: طقع: طقعت اي فرقعت من البهجة و السرور لنجاحها.

كامل الماني

غير معرف يقول...

Anas Dalgamouni, very nice post but why the font is so smaaaaallllll?!!!! or is it my browser?

ساري يقول...

عطعوط باشا،
أولاً، الرياضة شيء جميل. رغم أنني منقطع بشكل فاضح عنها، إلا أنني أرى أن حياة الفرد تختلف كثيراً حين يمارس و يتابع الرياضة.
ثانياً، شكراً لإعجابك بالحجة نانا. هي فعلاً إنسانة رائعة. أرجو أن أستطيع أن أعرفك بها في يوم ما.
ثالثاً، رحمة الله على جدتك، و بارك لكم في عمتك.
أخيراً، أنا سعيد أنك أحببت الموضوع الذي كتبته.
شكراً صديقي.
ساري

ساري يقول...

كيمو،
كلامك طقع... يا طقع...
ساري

غير معرف يقول...

nice blog!
I'm a Federer fan :)

ساري يقول...

Thank you!
A Federer fan that I know? :)

ساري يقول...

أنس،
أعتقد أن المشكلة في جهازك. لم يشتك أحد غيرك.
الرجاء التأكد على جهاز آخر.
ساري

غير معرف يقول...

That's Lovely ... Li!i!i!i!iKeEeEeEeEe...!!!

ساري يقول...

شكراً شكراً.
هل أنت من الزوار الجدد لمدونتي؟

salam sabha يقول...

الحبيب ساري
اولا صراحة انا متفاجئ وفرحان انه ماشاء الله عندك هواية الكتابة والتي تتسم بطابع خفة الدم والعفوية الي بتتميز فيها شخصيتك الحلوة

كلما رايتك اتذكر ايام الجامعة وشفيع والعلوم
يرحم هديك الايام ... :(

اما بالنسبة لجدتك فلو سمحت بدي رقم تلفونها لعشان اتعرف عليها :) لاني اشترك معها بتشجيع روجر فيدرير

واما العائلة فلا قول ابلغ من انها فعلا مصدر السعادة والاستقرار والراحة والطمانينة
انها الحضن الدافئ الذي نلتجئ اليه عند الشدائد
انها الربيع المزهر الذي ننظره ونرعاه باعيننا
اللهم احفظ لك ولنا عائلاتنا وادم الود والحب بيننا

اخوك المحب .. سلام صبحة :)

خالد كسجي يقول...

عزيزي ساري

فعلا من اجمل ما قرات .. وانا افكر منذ فترة في دخول عالم المدونات لكني متردد وامثالك يشجعوني

بخصوص النص هو نص دافئ وممتع وباسلوب سلس ورائع .. كم هي ذاكره جميله التي تحمل في ماضيك .. وكم هي العلاقه مع الجده مميزه يقول الشاعر محمود درويش
"من ينسى رائحة عناق جدتة القديمة ؟"

سنكبر وتأخذنا الحياة لكننا لن ننسى ابدا اطيب المشاعر واصدق ابتسامات حظينا بها

دام قلمك استمر .. وساقوم بعمل تاج لك على اي شئ اكتبه في الفيسبوك حتى نستمر بالتواصل

ساري يقول...

سلام،
سلام يا سلام...
فعلاً اشتقنا للأيام الرائعة. لا زلت لا أصدق أن تخرجي مضى عليه أكثر من سبع سنوات. أضم صوتي إليك في الإشتياق إلى شفيع.
يمكنني أن أعطيك رقم جدتي، لكنها تعيش في مصر. هل أنت مستعد لدفع ثمن المكالمات الدولية في سبيل فيدرر؟ :)
شكراً لتعليقك يا صديقي.
ساري

ساري يقول...

خالد،
فعلاً ذاكرتي جميلة، و أكاد أجزم أن ذاكرة كل منا جميلة طالما فيها رعاية والديه، أو حنان جديه، أو مزاح أخيه.
شكراً لدعمك و تعليقك.
ساري

mama su يقول...

i liked it very much! continue 3ala tool bi 2a7la alkalimat , blessings and inspiration from GOD...
with love and my prayers, mama su

ساري يقول...

ماما سو :)
شكراً شكراً
تشجيعك و دعاؤك لهما قيمة عظيمة عندي. إن شاء الله سأستمر.

منيب عرابي يقول...

عمرانة المدونة ... ما شاء الله ... اللهم زد وبارك في مدونة ساري ابن أم ساري

ساري يقول...

حبيبي يا منيب. انتبهت لتوي أنني لم أرد على تعليقك.
شكراً يا صديقي.