(التدوينة رقم 30 في مشروع ال 31 تدوينة)
عن المظلومين اليوم أكتب، عن معاناتهم اليومية مع الظلم المتجسد في أشكال مختلفة.
عن الدين المظلوم
بين جفاء بعض أبنائه و بين جهل البعض الآخر. ذاك الدين الذي إن ظهر في صورته
الحقيقية لرآه الناس على حقيقته، نور للحياة. لكن فريقاً من أبنائه يصرون على رميه
بتهم التخلف و التحجر. الفريق الآخر يثبت تلك التهم.
عن الشعوب
المظلومة بين لامبالاة و جهل حكامها و بين نفاق و تبعية بعض أبنائها. تلك الشعوب
التي إن عاشت الحياة الكريمة التي تستحق كانت ستبني فتُرزق فتسعد فتعيش. لكن حكامها قيدوها و أوهموها أنهم أدرى بمصالحها
و هم على النقيض من ذلك، هم سارقو خيرها و قاتلو أملها. المصيبة في بعض أتباع
الحكام من أبناء الشعوب، يغذونهم مدحاً و نفاقاً ليتغذَّوا نقوداً و جاهاً.
عن العلوم
المظلومة بين من هجرها هجراً بطعم القتل، و بين من استعملها استعمالاً بطعم القتل
كذلك. فريق حول علوم الكون العظيمة إلى مادة جافة تدرس لأبناء المدارس بأسلوب جاف كي يكرهوها فينشؤوا على حب كل ما سواها. فريق آخر أمسك بتلابيب العلم و أتقنه، ثم استعمله ليصنع
الأسلحة و يقتل من هو أضعف منه.
عن اللغة
المظلومة بين متكبر عليها يشم فيها رائحة الماضي الذي يجب أن يُدفن و بين مستعمل
لها أسوأ استعمال. الأول هجرها و تعلم لغة غيرها ليبرطم بها برطمة لا تزيده إلا تبعية
للغير الذي لا يأبه بذاك الذي هجر لغته. الآخر استعملها أقبح استعمال في أغانٍ هابطة لا
طعم فيها و لا رائحة، و في بذاءات لا تُقبل و لا تُرضى، بدل أن يصوغها في قطع أدبية تحيي الروح قبل الجسد.
عن المواهب المدفونة في نفوس أطفالنا بين من يمنع ظهورها و بين من يستهزيء إن ظهرت. الفريق الأول أشرف على تعليم أطفالنا في المدارس فلم يعر أي اهتمام للموهبة المدفونة في نفس كل طفل من حب للكتابة أو الرسم أو الرياضة و قام بتوجيههم اتجاهاً واحداً لا خير في غيره على زعمه: الطريق العلمي من طب و هندسة و حاسوب، على ما في الاتجاه العلمي من خير إن اتجه له أهله فقط. الفريق الثاني رأى تلك الموهبة تبرز في الطفل فوصل ليله بنهاره استهزاءً به و تنقيصاً من قدره إن هو لم يترك تلك الموهبة و ينشغل بغيرها.
المظلومون كثر، و
إنقاذهم واجب. أما أسلوب الإنقاذ فهو الأهم. فإما أسلوب ذكي مع نية حسنة لدراسة أصل المشكلة و
معالجتها، أو أسلوب سطحي و نية فاسدة لوضع مساحيق تجميل على قشور المشكلة، مساحيق ستزول بعد
حين و تبقى المشكلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق