StatCounter

الجمعة، 7 ديسمبر 2012

ما بين رشفاتي و صفحاتي

(التدوينة رقم 7 في مشروع ال 31 تدوينة)

جلست كما هي عادتي في كل صباح أرشف من كوب قهوتي رشفات يتخللها تقليب لصفحات الجريدة، أم أنني كنت أقلب صفحات جريدتي تقليباً تتخلله رشفات من كوب القهوة؟ لا يهم. المهم أنني كنت أطالع قهوتي و أرشف جريدتي، أقصد أطالع جريدتي و أرشف قهوتي.

و لمن لم يألف تلك العادة بعد، أقول إنك تفوّت على نفسك الكثير. ففي عقلك و فمك من الجفاف الصباحي ما يستحق أن تقرأ فتروي عقلك و تشرب فتروي حلقك. و إن كنت لا تحب القهوة فيمكنك شرب الشاي، اليانسون، الكركديه، الكاكاو الساخن أو أي شيء يضمن عدم اختلال مقياس الجفاف ما بين عقلك و حلقك.

و إن لم تكن قراءة الجرائد على قائمة هواياتك، فلك أن تستلّ من مكتبتك الشامخة كتاباً عفا عليه الزمن فتمسح ما علاه من غبار ثم تعيد إليه الحياة بتقليبك لصفحاته أثناء رشفك لقهوتك أو كاكاوِك الساخن كما أسلفتُ سابقاً.

و الحق أن في صفحات الجريدة من الأخبار و الصور ما يرضي جميع الأذواق، و المعتاد أن صفحتها الأولى تحوي أكثر الأخبار أهمية بينما الأخيرة ففيها من الأخبار طريفها و خفيفها. على الجهة الأخرى فإن رشفات فنجان القهوة كلها بنفس الطعم و الرائحة و يبقى في آخر الفنجان أكثر الرشفات مرارة.

و لقد كانت قراءة الصحف و رشف القهوة أو الشاي على الدوام و منذ عقود صنوين لا يفترقان في معظم حضارات العالم، و تلك عادة ألفناها و ألفها آباؤنا و آباؤهم من قبلهم. و لكل من قراءته هدف، فقد يبحث أحدنا عن السياسة و أخبارها، بينما يهتم آخر بالرياضة و مبارياتها، بينما ينحصر اهتمام آخرون بالأحداث الاجتماعية و الاقتصادية و تبعاتها. و مهما كانت الغاية، فهي عادة حميدة تضمن لك أن تبقى على اطلاع دائم على ما يهتم به عقلك و ينشغل به فكرك

قد تختلف تجربة المطالعة و الرشف باختلاف المطالع الراشف، إلا أنها تبقى تجربة مميزة و فريدة من نوعها تصوغ فكرك و حياتك. فما تطالعه قد يتحول إلى فكرك الذي يسير معك أينما سرت، و يخرج من فمك كلما تكلمت. أما ما ترشفه فهو مجرد وسيلة لتسهيل هضم ما تطالعه كي يسهل على عقلك انتقاء ما يناسبه منه.




ليست هناك تعليقات: